شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه
الإرشاد شرح لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد
84709 مشاهدة
القرآن هو هذا الكتاب العربي الذي هو كلمات وحروف وآيات

وقوله:
( وهو هذا الكتاب العربي الذي قال فيه الله تعالى على لسان الذين كفروا: لَنْ نُؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآنِ [ سبأ:31 ] وقال بعضهم: إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ [ المدثر:25 ] فقال الله سبحانه: سَأُصْلِيهِ سَقَرَ [ المدثر:26 ] وقال بعضهم: هو شعر, فقال الله تعالى: وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ [ يس:69 ] فلما نفى الله عنه أنه شعر وأثبته قرآنًا لم يبق شبهة لذي لُبٍّ في أن القرآن هو هذا الكتاب العربي الذي هو كلمات، وحروف، وآيات ؛ لأن ما ليس كذلك لا يقول أحد: إنه شعر ).


شرح:
يشير إلى أن القرآن الذي هو كلام الله ، هو هذا الموجود الذي في المصاحف، فإنه كلام عربي؛ قال الله تعالى: وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ ( فصلت: 44 ) كيف يرسل إلى قوم عرب ، ويكون قرآنًا أعجميًّا ؟ وقال تعالى: لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ ( النحل:103 ) وصفه بأنه لسان عربي.
ثم حكى الله عن المشركين الذين عارضوه هذه الحكايات فحكى عنهم قولهم أنه أساطير الأولين ، لما سمعوا فيه هذه القصص قالوا: إنه أكاذيب الأولين قال تعالى: وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ( الفرقان:5 ) كيف تملى عليه وهو أمي لا يكتب ولا يقرآ ؟ يقول تعالى: وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ ( العنكبوت:48 ) .

 كذلك حكى الله عنهم أنهم قالوا: إنه شعر، إنه كهانة، والشعر معروف أنه له أوزان، وله قواف ، والقرآن ليس كذلك، ومعلوم أن الكهنة يستعملون في كلماتهم سجعات متتالية، وليس كذلك القرآن، ولهذا رد الله عليهم بقوله تعالى: وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ( الحاقة:41-42 ) .
ولما أوردوا هذه الإيرادات على بعض كفار قريش -وهو الوليد بن المغيرة - لم يقنع بها فقالوا: فماذا نقول؟ قال: نقول إنه سحر يؤثر ، يعني يُنقل ممن قبله، فقال الله تعالى حاكيا عنه: فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ سَأُصْلِيهِ سَقَرَ ( المدثر:24-26 ) كيف يكون سحرًا يؤثَر؟ من أين أُثِر، ومن أين جاء؟ فتبين أن هذا دليل على أنهم يشيرون إلى القرآن الذي يتلى عليهم؛ لأنه لو كان معنويًّا لم يوصف بأنه شعر، ولا أنه سحر، ولا أنه كهانة، ولا أنه أساطير الأولين، ولا أنه افتراه كما في قولهم: ( افتراه ) يعني: كذَبَه واختلقه، فدل على أنهم يشيرون إلى هذا القرآن.
وقوله:
( وقال تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ ( البقرة:23 ) ولا يجوز أن يتحداهم بالإتيان بمثل ما لا يدري ما هو، ولا يعقل. )

شرح:
يشير إلى أن المثل لا بد أن يكون معروفًا مشهورًا مشاهدًا؛ فقوله تعالى: فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ في سورة البقرة، وفي سورة يونس فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ ( يونس:38 ) لو كان المراد المعنى الذي تزعم الأشاعرة أنه ( معنى ) لم يُعرف المثل ‍‍‍‍‍‍‍‍! لأنهم يقولون: إن القرآن إنما هو ( المعنى )، وأما اللفظ فهو تعبير من محمد أو تعبير من جبريل وهذا خطأ، وإلا لما قال الله تعالى: فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ .